الفقير الى الله المديــــر العــــام
عدد المساهمات : 685 تاريخ التسجيل : 23/07/2009 العمر : 33 الموقع : www.abohanafi.yoo7.com
| موضوع: شخصيات مصرية .. أسرت النبوغ الإثنين أغسطس 31, 2009 11:31 pm | |
| الشخصيات المصرية والنوابغ التى أخرجتها مصر .. أكثر من أن تحصي .. وأكبر من أن تقدرها الرواية .. فعلى مدى العصور السالفة .. نبغ بمصر عشرات العلماء والأدباء والسياسيين والمفكرين والكتاب .. حتى فى مجال الأمن .. خرجت منها أساطير حفرت سجلا من ذهب فى ميادين القتال .. فى الحروب الساخنة .. والباردة على حد سواء .. وان كنت سأكتب عن بعض هذه الشخصيات اليوم .. فليس هذا حصرا لهم .. فكما سبق القول هم أكثر من ذلك .. وليس هذا برد لما بسطوه من أعمالهم .. فهم أكبر من هذا أيضا .. هم بعض الشخصيات ذات الأثر غير العادى على مصر والبلاد العربية بل والعالم أجمعه .. وفيما أعتزمه من طرح لهذه الشخصيات سأقوم بالتركيز على الشخصيات المغماه بالرغم من رسالتها نحو أوطانها .. والشخصيات الشهيرة التى يدرك مجال نبوغها القلائل .. تلك الشخصيات التى اكتسبت الشهرة غير أن رسالتها لم تكتسب ذات الشهرة لبعد مجال الادراك عن العامة .. وأتمنى أن تغفروا مسبقا أى تقصير تلمحونه فى هذه الدراسة التى أكتبها لكم كخاطرة وحديث سامر فى ليالى الأدب ..
الشخصية الأولى عملاق الصحافة العربية " محمد حسنين هيكل "
يعد محمد حسنين هيكل من أنبغ عمالقة الصحافة والسياسة على مستوى العالم .. فقد اكتسب مكانته الى جوار الرواد فى مجال الصحافة والتحليل السياسي وكتاباته تعد المرجع الرئيسي لطلاب الخفايا فى السياسة والتاريخ السياسى .. ومظاهر نبوغه لا تؤذن بحصر أبدا .. فهو الصحفي والسياسي الوحيد الذى عايش أزمات العالم الكبري عبر القرن الماضي وكتب عنها من خلال نافذة الرؤية التى توفرت له ..
حتى فى كتاباته التحليلية التى يتناول فيها أحد الجوانب التاريخية البعيدة عن حضوره .. فهو يعوض عدم المعايشة والمعاصرة بالجسد الى معايشة بالفكر والوثائق.. ومن المشهور عنه أنه كنز الأسرار الذى لا ينضب أبدا .. فما ان يشرع فى التصدى لحادثة ما .. يقضي قرابة العام أو أكثر فى التنقل والسفر والبحث ومقابلة الحضور لهذا الحدث .. ويجمع عبر شبكة علاقاته المهولة كل الأدلة والوثائق والشهود مستعينا فى ذلك بصداقاته المتعددة لنجوم العالم فى السياسة والأدب والفكر .. ثم يبدأ فى الكتابة والتحليل لما تحت يده من معلومات غزيرة .. ولذلك فقد عرف عنه عالميا .. أنه الكاتب الوحيد الذى لا تستطيع الطعن فى حقيقة الوقائع والأحداث لما يضمنه فى كتاباته من وثائق وشهادات غير أنه يمكن الاختلاف معه فى زاوية الرؤية والتحليل
البداية
كانت بداية الكاتب والسياسي الكبير محمد حسنين هيكل فى قريته البسيطة بالريف المصري مع مكتبة ذاخرة متوارثة جيلا بعد جيل من الأجداد الى الأحفاد .. وبدافع النبوغ المبكر طرقها الطفل الصغير ليبدأ رحلته مع الثقافة والفكر .. وعندما شب الطفل وبلغ أوائل العشرينات من عمره .. انطلق الى القاهرة حيث الأضواء والأحداث مع نهاية أربعينيات القرن الماضي .. وفى جريدة " الاجيبشيان جازيت " الناطقة بالانجليزية فى القطر المصري بدأ عمله الصحفي متدربا على يد رئيس تحريرها هو بعض الصحفيين المصريين والعرب ليصبح كل منهما علم فى مجاله فيما بعد .. وفى ميدان المراسلة الحربية انطلق هيكل بحماس الشباب الوافر .. ولغة وأسلوب بارع يحلل وينقد الأوضاع الساخنة فى بؤر الأزمات المشتعل فى ذلك الوقت فى جميع أنحاء العالم .. ومع بدء حركات التحرر فى العالم العربي .. وصعود نجوم جدد لساحة العمل السياسي واشتعال الصراع بين الاخوان المسلمين والملك فى مصر وأزمة حزب الوفد مع القصر .. ونشأة حركة الضباط الأحرار فى الجيش المصري العائد من رحى حرب فلسطين وحريق القاهرة .. كل هذا الزخم فى الأحداث .. وبدافع القدر وحده وجد هيكل نفسه فى قلب الأحداث مشاركا لا مشاهدا .. وتوثقت علاقاته بالضابط المصري زعيم تنظيم الأحرار البكباشي " المقدم " جمال عبد الناصر حسين " ورفاقه أنور السادات وعبد الحكيم عامر وغيرهم .. ولم تمض على علاقته بعبد الناصر أكثر من عام .. الا وكانت مصر على موعد مع انقلاب يوليو 1952 الذى تحول فيما بعد الى مسمى الثورة .. ونقطة علاقته بعبد الناصر كانت نقطة فاصلة فى حياة الصحفي الناشئ الذى انتقل من الجازيت الى آخر ساعة واحتك بمؤسسها الكبير محمد التابعى .. حيث قامت علاقته بعبد الناصر على الاحترام والاعجاب المتبادل .. وانتقل هيكل الى مؤسسة أخبار اليوم .. بعد أن انتقلت ملكية آخر ساعة من محمد التابعى الى الأخوين مصطفي وعلى أمين .. ولم يكن عمر هيكل فى ذلك الوقت أكثر من ثلاثة وعشرين عاما عندما أصبح رئيسا لتحرير آخر ساعة .. وواصل قلمه الصعود حتى تمكن عبد الناصر فى أحداث عام 1954 م .. من اقصاء محمد نجيب عن السلطة ليتولى الحكم رئيسا للجمهورية .. وهنا كانت النقلة والنقطة التالية من النقاط الفرقة فى حياة هيكل
سنوات الغضب
وتأتى سنوات الغضب فى حياة الصحفي الكبير بعد أحداث 1967م وما أعقبها من وفاة عبد الناصر وظهور مطامع خلفائه فى الحكم وهم مراكز القوى كما أطلق عليهم أنور السادات وهم
سامى شرف وزير شئون رياسة الجمهورية الفريق محمد فوزى وزير الحربية اللواء شعراوى جمعه وزير الداخلية على صبري رئيس اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى محمد فائق وزير الاعلام
بمعنى أن مراكز القوى كانت تملك سلطة البلاد ومؤسساتها الكبري ولم يكن السادات يمتلك شيئا الا وجود محمد حسنين هيكل الى جواره .. وتأمل هيكل الوضع وقام باعداد الخطة لمواجهة الموقف العصيب .. وشيئا فشيئا بدأت الخطة باستمالة اللواء الليثي ناصف قائد الحرس الجمهورى .. والفريق محمد صادق رئيس الأركان بالقوات المسلحة .. وقامت الخطة على أساس متين وهو مقولة هيكل " يجب أن يكون الأمر أمام الشعب صراعا على الديمقراطية لا صراعا على السلطة " ونجحت الخطة الى أبعد مدى وتم القاء القبض على مراكز القوى جميعا لينجح السادات فى الصعود لسدة الحكم على أكتاف هيكل واستمرت العلاقة بين الاثنين على أحسن ما يكون وكان هيكل مستشار السادات الأمين وأحد القلائل والندرة الذين عرفوا بموعد حرب أكتوبر وشاركوا فى رسم خطته الاستراتيجية والاعلامية .. ولم يدر بخلد هيكل قبل الحرب أن السادات كأول رئيس سياسي بالمفهوم الصحيح لمصر قد رسم لنفسه خطا مختلفا تمام الاختلاف عن سلفه .. وظهرت بوضوح بعد أكتوبر التى منحت السادات الثقة فبدأ الحركة فى اتجاه هدم صورة عبد الناصر وانتهاج الخط الأمريكى دون علم مستشاره وصديقه هيكل .. وفوجئ هيكل بالأمر .. ورأى الهجوم الضارى والفضائح الأمنية والمهازل العسكرية التى حدثت أيام عبد الناصر كلها تظهر فى حملة شبه منظمة من المستحيل أن تتم دون سماح مسبق من السلطة فى دولة بوليسية .. وقبل أن يفكر هيكل فى الرد .. فوجئ أيضا بقرار نقله من وظيفته كرئيس لمؤسسة وتحرير الأهرام .. لينتقل وفقا للقرار الجمهورى المفاجئ الى قصر عابدين مستشارا سياسيا لرئيس الجمهورية على درجة نائب رئيس وزراء .. وكان رفض هيكل قاطعا ..
ومع القرار الغبي الذى اتخذه السادات بمنع هيكل من الكتابة بمصر .. أعلن هيكل رفضه على صفحات جريدة " الصنداى تايمز " البريطانية قائلا
" ان الرئيس السادات يستطيع أن يقول لى اخرج من الأهرام .. لكنه لا يستطيع أن يقول لى أين أذهب بعد ذلك .. هو اختار لى القصر الجمهورى .. وأنا اخترت بيتى وكتبي "
واتسعت الهوة بمراحل مع استمرار سياسة السادات فى قلب المائدة على رأس عبد الناصر وسياسته الخارجية اللصيقة بالولايات المتحدة .. ليعتكف هيكل ويتفرغ لكتبه التى كانت تنشر خارج مصر وتمنع من التداول فى وطنه .. وبلغت الأزمة ذروتها مع قرارات سبتمبر 1981م والتى قام السادات باعتقال حوالى 2100 شخصية من كبار الشخصيات السياسية والدينية فى مصر وكان على رأسهم هيكل .. ومن ضمنهم عبد القادر حاتم رئيس الحكومة السابق والبابا شنوده وشيخ الأزهر وغيرهم ووضح للجميع أن السادات قد غلبته عصبيته وتخلى عنه ذكاؤه اللامحدود ويكفيه فى ذلك اعتقال هيكل وحده .. مخزن الأسرار وقنبلة الأفكار .. ومع اغتيال السادات .. كان أول قرار لرئيس الجمهورية الجديد حسنى مبارك قرار افراجه عن المعتقلين فى حوادث سبتمبر واستقبل صفوة شخصياتهم فى القصر الجمهورى .. وبعد سنوات أربع .. تم رفع الحظر عن هيكل لتصدر كتبه فى مصر ويبدأ فى الرد على الهجوم الكاسح الذى استمر لعشر سنوات تقريبا بتحريض من السادات وقيادة الأخوين أمين بعد أن تم الافراج عن مصطفي أمين افراجا صحيا ضمن قرار الافراج عن العديد من جواسيس اسرائيل وأمريكا !! وقد تعمد السادات الافراج عن مصطفي أمين بهذا الشكل حتى لا جرؤ على رفع عينه كما قال لهيكل قبيل قرار الافراج .. وكانت أولى ضربات هيكل الصاعقة .. ضربته للسادات .. والتى صارت مثلا مشهودا لقوة ناب هيكل ومدى فداحة خطأ السادات باستعدائه وهذا ما سأتناوله معكم فى رحلة الكتابة لهيكل
رحلة الكتابة
الكتابة عند هيكل فن راق .. وانجازات فكرية لا تقدر بثمن أبدا .. وله فلسفته الخاصة جدا فى الرواية التاريخية والسياسية .. فهو العملاق الذى اذا تناول موضوعا ما .. لا يجرؤ غيره على الكتابة فى ذات الموضوع لما عرف عن هيكل من قدرات خارقة فى البحث والتقصي بالشكل الذى لا يدع مجالا لغيره فى الحديث وكما سبق القول .. من الممكن أن نختلف مع هيكل فى التحليل والرؤية لحدث معين .. لكننا لا نستطيع التشكيك مطلقا فى صحة الحدث ذاته .. ولذلك فلا عجب أن هيكل بكنوزه التى يمتلئ بها عقله وذاكرته من وقائع الأحداث وأطنان الوثائق السرية التى لا تتوافر لجهاز مخابرات كامل .. لا عجب اذا أنه تبوأ مكانة كبري بين رواد السياسيين والمفكرين على مستوى العالم أجمع .. ومن المعروف أن محمد حسنين هيكل يكتب مؤلفه بالانجليزية للطبعة الدولية وتتولى نشر أعماله أكبر دار نشر فى العالم وهى دار " هابر كولينز " بالولايات المتحدة الأمريكية .. والتى تملك حق توزيع كتبه بكل لغات العالم .. وقبل عام 1982 م .. كان هيكل يكتفي بكتابة المؤلف بطبعته الانجليزية ثم تصدر الطبعات فى دول العالم بلغات مختلفة مترجمة على يد متخصصين .. بما فى ذلك الطبعة العربية الا أنه مع مقدم عام 1982 م وشروع هيكل فى كتابة قنبلته " خريف الغضب " ذلك الكتاب الذى تناول فيه قصة أحداث العصر فى مصر ونيران الغضب التى صاحبت عصر السادات للرد على هذا الأخير , توقف هيكل كثيرا أمام اسناد الترجمة لغيره خاصة للعربية .. فالموضوع الذى يتناوله الكتاب حساس للغاية وبالتالى اتخذ قراره بترجمة الكتاب الى طبعته العربية بنفسه وهو المنهج الذى اتخذه بعد ذلك فى جميع اصداراته بعد خريف الغضب
| |
|